اليوم في حربه على غزة يعاني جيش الاحتلال من نقص في أفراده جراء ما فقده في كمائن المقاومة الفلسطينية.
حيث أصبحت الحاجة ملحة لتعويض هذا النقص من خلال المطالبة بإلزام “الحريديم” للتجنيد في صفوف الجيش.
فما كان من المحكمة العليا إلا أن قررت إصدار قرار يقضي بتجنيدهم، فخرج الحريديم وسط غضب لرفض هذا القرار.
وقد هدد الحاخام الشرقي الأكبر لدولة الاحتلال “يتسحاق يوسف” بمغادرة البلاد مع طائفته في حال أجبروا على تطبيق ذلك القرار ،وقال إن تفرغ الحريديم في معاهدهم الدينية لدراسة التوراة “يمنح الحماية للجيش”.
وها هي وسائل الإعلام العبرية تنقل خبر بتاريخ ١٨/٣/٢٠٢٤ يتضمن أن “متظاهرون من اليهود الحريديم يغلقون مسار السكك الحديدية في القدس احتجاجا على خطط لتجنيدهم”.
والحريديم تيار ديني متشدد لدرجة التطرف، ينتمي في معتقداته إلى ما تسمى التوراة والأصول الفكرية اليهودية القديمة. ومن الجدير بالذكر أن هذا التيار رفض عام ١٩٤٨ الاعتراف بالصهيونية العلمانية وعارض قيام الدولة ،والسبب هو من منطلق ديني حيث أنه بمعتقدهم دولة “إسرائيل” لم يحن قيامها بعد.
ويعود رفض الحريديم تجنيد شبابهم في الجيش إلى انغماسهم في دراساتهم الدينية التي تعتبر أكثر أهمية من التجنيد بالإضافة إلى خوفهم من فقدان شبابهم هويتهم الأرثوذكسية المتطرفة أثناء الخدمة وخاصة أنهم ملتزمون بما يسمى نصوص توراتية تخص الفصل بين الجنسين وملتزمون بيوم السبت اليهودي. وهم بدراستهم لتوراتهم يضمنون بقاء ودوام الدولة.
ومنذ قيام الدولة كان رئيس وزراءها “دافيد بن غوريون” قد قدم لهم امتياز إعفاءهم من الخدمة العسكرية مع العلم أن التجنيد مفروض على اليهود عند بلوغهم سن ١٨.
إلا أنه أي بن غوريون تذرع أن الحريديم يضمنون الاستمرار في دراسة تعاليم ما يسمى بالديانة اليهودية.
وقد أعفتهم بالفعل الحكومات المتتالية من التجنيد بالجيش وإلى يومنا هذا ،بالرغم من القانون الذي تم إقراره عام ٢٠١٤ وهو قانون المساواة في الخدمات ،غير أن طائفة الحريديم رفضته بشدة برغم كل المطالبات بتطبيقه عليهم.
والحمد لله أن المقاومة الفلسطينية تتدارس القرآن الذي يدفع بها إلى ساحة القتال بثبات وإيمان، مقابل هؤلاء الذين يدعون التشدد دينيا ويتدارسون توراتهم المحرفة التي نسجت أساطيرها حاخاماتهم ، ويتخذونها ذريعة لرفض المشاركة في الحرب. فشتان ما بين أصحاب الأرض والعقيدة الحقيقية وما بين أناس لا يربطهم بالأرض سوى استعمار بغيض.